الأربعاء، 29 يوليو 2009

كائنات غريبه.


لم ارى في حياتي من قبل احداً ينتقد و يسخر من شخص ما فقط لكونه شخصاً هادئاً او خجولاً او لنقل انطوائياً على ابعد حد, امر مزعج جداً!, لو كان وراء هذا النقد فائدة لهان الامر لكن لم التجريح و الاهانة في ذلك, لكل انسان طبيعته و سيتطور ان شاء ذلك, لكن لاااا و الف لا فاين المتعة ان تركوه, لا مفر منهم ابداً.
لماذا لا يهتم الناس بشؤونهم الخاصة, اه صحيح شأنهم و همهم الاوحد هو ازعاج الاخرين و انتقادهم و تجاهل ذاتهم التي تفتقر للكثير الكثير و تحتاج الى صيانة شاملة و لعلها تفلح!.
عندما ارى شخصاً مسكيناً في مثل هذا الموقف حيث تأتيه كل تلك التهم و التجريحات و التعليقات او بما يدعونه بنقد بناء -تلطيفاً لمسماه- اشعر و كأنه تلك الاكواب في الصورة وحيدة صامته و المطر لا يرأف لحالها بتاتاً.
اكره من يقول كل ما يخطر في باله دون مبالاة بمشاعر الاخرين و فوق ذلك يضحك بلا اهتمام و يدعي بانه صريح لا اكثر و يعود الي منزله لينام بهناء, بينما المتهم -او اياً كان اسمه- يبكي حرجاً و ضيقاً و يختبء في الظلمه لعله يكون كابوساً يصحو منه و ينساه بعد ايام , اي درجة من الانانية وصل اليها هؤلاء, هل انعدمت المشاعر في قلوبهم متى سيتعلمون ان هذا خطأ؟!, الا يعلمون مساوئ كلام كهذا ان لم يكن احباطاً كان اكتآباً ان زاد عن حده و لا تقولوا باني ابالغ!.

كائنات غريبه تفكيرهم غريب يجب ان يصنفونا الى ثلاث انواع ذكر و انثى و هؤلاء.


قال الشاعر:


لو خرج المارد من قمقمه
وقال لي : لبيك
دقيقة واحدة لديك
تختار فيها كل ما تريده
من قطع الياقوت والزمرد
لاخترت (صمتكم) .. بلا تردد

الخميس، 23 يوليو 2009

اليعسوب. (part 1-2)


لم اعرف ماذا افعل وقتها هل اساعدها أم اتركها في حالها, هل اصرخ طالباً النجدة أم اترك الصمت يبتلعها, تخيلت نفسي اهرول اليها, أعتصرها بين ذراعيّ, أغسل بدمعي جروحها التي سببها ذاتي (انا), لكن إنشاً واحداً لم يتحرك جسدي, خيل إلي انني جالسٌ على مقاعد الصفوف الأولى في السينما لمشاهدة فيلم درامي من اخراج ريوهي كيتمورا!, الألم الذي تفتحت اوراقه بغتة هزني بعنف ليعيدني الى ارض الواقع, تربعت اوراق الشجر على الارض معلنةً بداية فصل الخريف - الذي نادراً ما يلاحظ في بلادنا -, و الهواء الجاف يزيد من مرارة حلقي كما لو كنت قد ابتلعت قهوة مرة لحظة استيقاظي دفعة واحدة, راقبت مجرى الاحداث بحرص لعلي ألتمس خطأً ما و سارت على النهج التالي:دفن ثم صلاة ثم دعاء, و غادر من غادر و بقي من بقي, بقيت شارد الذهن أرمق التراب تحتي و اعشاب نمت على حاشية بلاط السور بطريقة ما و ظريح رخامي يتوسط المشهد, شعرت بدوار مفاجئ رفعت رأسي لعله يخف حينها شاهدت يعسوباً (بوبشير) اخضر اللون مقبلاً ناحيتي يا ترى لماذا يقولون ان من يراه تأتيه اخبار جيدة؟!, قاطع افكاري صوت ما نظرت خلفي و اذا به اخي الاكبر(خالد) يلوح لي بأنه قد حان وقت الرحيل, لم ارد المغادرة لكنني لم ارد البقاء ايضاً غادرت على مضض بعد ان القيت نظرة اخيرة نحوها و المشاعر تهيج بصدري كاعصار تحت الضغط العالي!.
في سيارته البي ام دبليو, الرياضية فضية اللون استأذنني أخي لاشعال لفافة تبغ معللاً بأنه تحمل ما يكفي لهذا اليوم و انه بأمس الحاجة اليها في الوقت الحاضر, لم أعترض بل اكتفيت بإيماءة قبول, اشعلها بيد واحدة و اليد الاخرى تتحكم بالموقد بسلاسة و اشعل المذياع في اللحظة نفسها ليأتينا صوت المذيع متأثراً بخبر ما لا يهمني, وضعت ساق على ساق و عقدت يدي ببعضهما و حولت نظري خارج النافذة حتى يفهم اخي بأنني لا ارغب في الحديث الآن لكن كما توقعت فلم يفهم رسالتي و بدأ الحوار قائلاً:"اذاً!"
"هاه؟!"
"اذاً ماذا قررت أين ستذهب؟"
"هاه! ماذا تعني؟!"
ببعض العصبية قائلاً:"مابك! أتريد أن اعيدك الي البيت ام تريد الذهاب الي مكان آخر حتى يحين موعد العزاء"
"اه اجل لا بأس!"
شعرت بأنني سأدهس تحت عجلات السيارة في اية لحظة مع انني لم افعل شيئاً.
قال بنفاد صبر:"افترض انك تعني المنزل؟"
"اجل!"
بعد عدة دقائق,
"هل لديك محاضرات لبقية اليوم؟"
"كلا لقد انهيت كل شي و الاسبوع القادم سيكون بداية الاختبارات"
"اها جيد, اذن لن تؤثر وفاة زوجة ابينا عليك بشيء, اليس كذلك؟"
شعرت بغصة و انا اقول:"كلا, فوقوعها لسنة و نصف في غيبوبة قد هيأنا جيداً لوداعها"
قال بصوت خفيض ربما كان يحدث نفسه:"لا داعي لكل هذا الحزن انها ليست امنا على كل حال"
لا يعلم حقاً كم آلمني كلامه, صحيح انها ليست امنا لكنها هي من ربتنا و اعتنت بنا بعد ان تخلت امنا الحقيقية عنا, لكني لم اشأ الرد عليه خشية ان ابدأ بالبكاء و لا اتوقف, ظللت ارمق الابنية التي نمر بها و ازدرد دموعي و فر منها من فر حتى وصلنا, فتحت باب السيارة و قبل ان انزل اخبرني اخي بأنه سيذهب الى مكان ما قبل الذهاب الي العزاء و طلب ان احكم اغلاق الابواب جيدا - مع العلم انني ابلغ الـ19 من العمر و لا داعي لذلك-.
فعلت ما طلب مني حرفياً و ما ان اغلقت الباب خلفي حتى فوجئت بشقيقي الاخر متمدداً على الاريكة و الانوار مغلقة و لم يخلع حذاءه -يال الاهمال-.

صحيح لم اخبركم بأننا ثلاثة اشقاء شقيقي الاكبر(خالد) يبلغ من العمر 25 , شقيقي الاوسط (طلال) يبلغ من العمر 22 , و اخيراً انا (حمد) 19 عاماً, والدي كبير بالسن و توفي قبل سنتين, والدتي الحقيقية سافرت الى مكان و لا خبر عنها حتى الان.

فتحت الانوار فانتبه لوجودي و اعدل من جلسته و هو يقل:"اهلا اهلا حموّد"
ستلاحظ عزيزي القارئ بان الحديث مع اخي طلال اسهل بكثير من خالد ربما السبب يعود لفارق العمر بيننا.
ثرثرنا قليلاً و دائماً ينجح طلال برسم الابتسامة على وجهي حتى في اصعب اللحظات, بعد ساعتين تقريباً جاء خالد لاخذنا و غير السيارة طبعاً, ركبنا السيارة و انطلقنا.

مر الاسبوع بسرعة, و التقيت بكثير من اقاربنا الذين يذكرونني و طولي متر واحد فقط, شيء محرج حقاً.

اليوم كان اول امتحان لي و عند خروجي اقنعني صديقي المقرب (سالم) بتناول الغداء في مطعم قريب وافقت و ياليتني لم اوافق, تبين لاحقاً ان جمييييييع اصدقائي و غير اصدقائي كانوا ينتظروننا و قد احتلوا المكان بأسره ليحتفلوا بتخرج شقيق احد منهم و الذي لا اعرفه و لم اقابله في حياتي من المرحلة الثانوية, بحق السماء لدينا اختبارات ثم ما شأني انا, حاولت الهرب لكن لم يسمح لي طبعاً, بعد السلام على الجميع جلسنا و ضحكنا و ظل سالم يردد طوال الوقت بأنني احتاج لان ارتبط بفتاة ما حتى املأ وقت فراغي لو لم اكن اعرفه جيداً لقلت بأنه جاد بما يقول, بعد عدة ساعات خرجنا و صدى اغاني الراب ما زال عالقاً في رؤوسنا, و في السيارة اعاد نفس الحديث عن مسألة الفتيات و الخ, اخبرته بأنه ليس من عاداتي ان افعل شيئاً كهذا لكن لسبب ظللت افكر بالامر بعض الشيء لكنه زال فوراً.
في اليوم التالي كنت جالساً انتظر سالم للدخول الي قاعة الامتحان فنحن نحرص على اخذ اي مادة تجمعنا كلما سنحت الفرصة,ما ان جاء حتى سألني :" هل فكرت بالامر؟!"
لم ارد ظللت اردد بعض الاسئلة كمراجعة, جلسنا في القاعة مع بقية الطلبة, بعد عدة دقائق شعرت بسالم يلكز ذراعيف نظرت اليه, فادار وجهي بيده لارى الفتاة الواقفة قرب الباب, كانت بحق بحق غريبه!.


To Be CoNtInUeD,